الأحد، 23 يناير 2011

السياحة الصحراوية لولاية تمنراست

يتحدى الطوارق أو «الرجال الزرق» الصحراء الجزائرية، يعبرونها ويعانقون رمالها الدافئة ويقيمون في أرجائها متحدين أيضا رياحها وعواصفها الرملية وشمسها الحارقة.
يقيم أهل الطوارق ويعيشون في جزء من الصحراء الإفريقية الكبرى يعرف باسم منطقة أزواد التي تستقطب عددا كبيرا من السياح الأجانب لا سيما الألمان التواقين لاكتشاف جمال وسحر الصحراء في القارة الإفريقية.

يقطع السياح مساحات شاسعة للوصول إلى الصحراء وبالتحديد الى منطقة الأهقار حيث تنطلق الرحلة من العاصمة الجزائر الى ولاية تمنراست عاصمة المنطقة الصحراوية الجزائرية، وتستغرق الرحلة حوالي ساعتين ونصف الساعة في الطائرة، أي المدة نفسها التي تستغرقها الرحلة من لندن إلى العاصمة الجزائرية على سبيل المثال. ويوجد في تمنراست فندق «تاهات» الشهير الذي يعد قبلة السياح الأجانب ينطلقون منه عادة في رحلاتهم في عمق الصحراء، أما إذا كنت من محبي المغامرات واختبار الصحراء بكل سحرها وجمالها يمكنك البقاء في المخيمات التي تنتشر بكثرة في أطراف المدينة، ويملكها أصحاب الوكالات السياحية الذين ينظمون الرحلات الصحراوية التي تعرف اليوم باسم« الـسفاري»، ويمكن للمقيمين في الخيم التمتع بتنظيم حفلات شوي اللحم على الجمر على طريقة «الباربكيو» في الهواء الطلق، والاستمتاع بشرب الشاي.
وتقوم وكالات السفر والسياحة بتنظيم الرحلات مع تأمين سيارات رباعية الدفع تناسب طبيعة الصحراء ويؤمنون المياه في قَِرب مصنوعة من جلد الجمال والبعير، بالإضافة الى تأمين الخيم الصغيرة والمؤن الغذائية. غالبا ما تكون الرحلة إلى الصحراء الجزائرية طويلة الأمد تستمر لعدة أيام، يستمتع خلالها المسافر بتفسيرات المرشدين السياحيين الذين يقدمون المعلومات اللازمة، وهم من الطوارق، ويعرفون الصحراء شبرا بشبر. وينصح دائما بعدم التجول لمسافة بعيدة في الأرجاء الصحراوية من دون مرافقة الدليل السياحي، بحيث أنه من السهل أن تضيع في الصحراء.
وقد اكتشف مئات السياح الأجانب ، لأول مرة، سحر مرتفعات «الأهقار» عبر رحلة انطلقت من مدينة تمنراست التي تقع أصلا في قلب المرتفعات المكونة من جبال صخرية تحيط بها ما يشبه هضاب علوها 2000 متر. و«الأهقار» عبارة عن سلسلة جبلية يصل ارتفاعها إلى 3 آلاف متر، وتدعى «الآتاكور» أي «الرأس» باللهجة الترقية التي يتحدثها «التوارق»، سكان الأهقار الأصليون.
وقد صنفت منظمة «اليونيسكو» السلسلة الصخرية ضمن التراث الأثري، واعتبرتها منهلا للباحثين المختصين في الجدرايات العظمية للحيوانات المحلية التي عاشت في المنطقة قبل مئات الآلاف من السنين.
وورد في الدراسات المتخصصة أن عمر موقع «الأهقار» يترواح بين 600 ألف سنة ومليون سنة. وشاهد زوار الموقع في عشرات الآلاف من الصور المنقوشة على الصخر وأشكالا لا حصر لها من الرسوم، وكهوف وملاجئ واشياء مصنوعة من الحجر. واحتضن الموقع في العصور القديمة حيوانات من فصيلة الثدييات وطيورا نادرة وأنواعا من الزواحف والحشرات.
وعلى مسافة 200 كلم دائما في محيط «الأهقار» اكتشف السياح سلسلة «الطاسيلي» التي صنفتها «اليونيسكو» تراثا عالميا عام 1982، كما صنفتها خزانا للبحوث العلمية حول الإنسان والحيوان. وتبلغ مساحة الطاسيلي 10 آلاف هكتار وتضم آلاف النقوش الصخرية التي تعكس جانبا عن صراع الإنسان من أجل كسب قوت يومه، من خلال صور مطاردة الغزال وحيوانات أخرى. وتوجد في الموقع قصور مبنية بالصلصال والخزف على طول واد جاف.
ويقع في شمال طاسيلي، ما يعرف بـ«طاسيلي نويدر» وإلى الشرق «طاسيلي الناجر» وإلى الجنوب الشرقي «طاسيلي أنهقار» و«طاسيلي إين روح». وفي الجنوب توجد جبال أخرى تنتمي الى الطاسيلي تدعى «طاسيلي سيساو». ويغطي «الأهقار» و«طاسيلي» مساحة 55 ألف كلم مربع، أي ما يعادل ضعف مساحة بلجيكا. ويقع «طاسيلي أنهقار» على بعد 100 كلم فقط من الحدود مع النيجر، بينما يقع «طاسيلي الناجر» بالقرب من الحدود الليبية. وتظهر بعض السلاسل الجبلية في شكل قبب ضخمة، وبعضها الآخر عبارة عن أفواه كلاب مكشرة الأنياب.
احتفالات ونشاطات:
تقام في الصحراء عدة احتفالات منها عيد الربيع يتمتع السائح خلاله بسباق الجمال الذي ينظمه الطوارق بالإضافة إلى السهرات وتقديم الأغاني التقليدية التي تحكي عن الصحراء والحب والربيع ترافقها سهرات فولكلورية من بينها رقصة «شروا» التي تتخذ شكل مبارزة يؤديها شبان بلباس مميز وتهدف إلى التدرب على استخدام السيف وتمرين العضلات، ويقوم الطوارق الملثمون بتأدية رقصة العرس، حيث تصطف مجموعة من الجمال تنطلق من مسافة بعيدة وتجري متلاصقة بسرعة كبيرة، فيما تنطلق مجموعة أخرى مشابهة من الطرف الأخر وتتقاطع المجموعتان في شكل يخيل للناظر أنهما حتما تتجهان إلى الاصطدام، لكنهما تتفاديان ذلك بمهارة فائقة. ويرافق الرقصة أو المبارزة عزف على التندي والأمزاد.
المسالك المتوفرة لزيارة الأهقار





ـ مسلك الأسكريم: يقع إلى شمال تمنراست بحوالي 100 كلم، طوله 3 آلاف متر ويقود إلى هضبة الأتاكور، وهي من أجمل المناظر في الأهقار. وتوجد بالموقع صومعة بنيت عام 1910 وبداخلها يوجد معبد مبني فوق الحجر يتألف من غرفة ضيقة بها كتب تاريخية، والمشهد الغير متوقع في الأسكريم هو انبعاث مياه عذبة من ثنايا الجبل تخترق صخوره لتركد في بركة صغيرة قرب سفحه يقصدها الطوارقي ليروي عطشه، وليزود جماله ما تحتاجه من الماء لمتابعة الرحلة.

ـ مسلك الاكتشاف: وهو عبارة عن واحات تقع إلى شرق تمنراست، تنتشر بها بيوت صخرية من نوع الغرانيت. ويتفرع عن المسلك، مسلكان آخران أحدهما يقود إلى حصن تحول إلى أطلال، والثاني يؤدي إلى قرية بها أكواخ.
ـ مسلك النحوتات الأثرية: يقود من تمنراست إلى مدينة جانت، ويعود تاريخ هذا الطريق إلى 6 آلاف سنة قبل الميلاد.
وكل من يزور الأهقار وطاسيلي، يلتقي بالسكان الأصليين، وهم الطوارق أو باللغة الأصلية القديمة «إموهار» (مفرد أمهار). وقد أقام الطوارق في الصحراء مشتتين إلى قبائل، وقسمت أراضيهم إلى عدة أجزاء، ويصل عددهم حاليا إلى مليون طوارقي موزعين على الجزائر حيث يعيش حوالي 200 ألف ترقي بتمنراست وجبال الأهقار وبجانب الطاسيلي الناجر. ويعيش الجزء الأكبر منهم في النيجر وخاصة في أقاديس، ويتمركزون في مالي بمنطقة قاوو، ويوجد الآلاف منهم في بوركينافاسو وليبيا. ويغلب الطابع الطبقي على مجتمع الطوارق، وحاكمهم العام يدعى «أمينوخال»، ولكل قبيلة مسؤول يسمى «أمرار». وتقول الأساطير ان المرأة الطوارقية تدعى «تين هينان» بمعنى «أم الأشراف»، ما يعكس الشأن الكبير للمرأة في مجتمع الطوارق. ويعيش أفراد هذا المجتمع من تربية الجمال والغنم، ويتخذون من الخيم ملجأ لهم. أما لغة الطوراق المسماة «إموهار»، فهي مشتقة من لهجة بربرية تسمى «تماهاك» أو «تماشك» بالنيجيرية، والحرف الذي تكتب به هذه اللغة يدعى «تيفيناغ». والقليل من الطوارق اليوم يجيد كتابة لغتهم، إلا أن غالبيتهم يتحدث العربية بطل


 









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق